اعتني الامويون بالكتابه لادراكهم مكانتها في الترويج لخلافتهم، فقد اشتهر في وقتهم الخطاط ـ قطبه المحرر ـ و هو الذي بدا بتحويل الخط الكوفي، و اوجد خط الطومار و قيل انه او جد خط الجليل و الثلث و الثلثين، و يعتبر ايضا كاتب المصاحف الاول للامويين و هناك خطاطون آخرون لم ينالوا شهره امثال الخطاط (سعد) الذي كتب سوره (الشمس و ضحاها) بالذهب علي قبه مسجد النبي في المدينه و الخطاط (مالك بن دينار الفارسي).
اما هندسه الحروف العربيه و تجويدها في الفتره الاولي من العصر العباسي فهي تنسب الي رجلين من اهل الشام (الضحاك بن عجلان) و (اسحق بن حماد).
و في هذه العهد تعددت الاقلام العربيه حتي بلغت 12 قلما هي:
1) قلم الجليل 2) قلم السجلات 3) قلم الديباج 4) قلم الطومار الكبير 5) قلم الثلثين 6) قلم الزنبور
7) قلم المفتح _ قلم الحرم 9) قلم المؤامرات 10) قلم العهود 11) قلم القصص 12) قلم الخرخاج. و يظل الوزير (ابو علي محمد بن حقله) و اخوه ابو عبد الله الحسن بن مقله. خير من اجاد في الخط و تحريره، حيث يعتبر ابن مقله مهندس الحرف و عنه انتشر الخط في مشارق الارض و مغاربها فهو الذي ابتكر القوانين و القواعد لكل حرف من حروف الخط العربي، و هو الذي اطلق علي قلم النسخ اسم (البديع) و اجاد خطا عرف بـ(الدرج).
اما الزخرفه في زمن الامويين و العباسيين فكان للساسانيين و البيزنطينيين الاثر في تطويرها و نشاه الفن الاسلامي.
بدا المسلمون يتحركون ببطء للحصول علي تلك العناصر الزخرفيه التي اختاروها من تراث الامم القديمه، و بسبب من الابتعاد الزمني الكبير ازداد ابتعاد المسلمين عن تلك المصادر. الفنان المسلم لم يبتكر وحدات زخرفيه جديده بل استغل ما وجد بين يديه من وحدات من الفنون السابقه علي الاسلام، الا انه رتب هذه الوحدات ترتيبا غير مسبوق ولاءهم بينها بطريقه مبتكره، و نسق بين اجزائها تنسيقا جعلها تبدو وكانها اختراع جديد و هي في حقيقتها كذلك، فجمع الوحدات القديمه و صهرها في بوتقته، و سلط عليها اشعه عبقريته فخرجت من بين يديه شيئا جديدا .. انه لم يبتكر في باديء الامر وحدات و لوحات نباتيه او حيوانيه، بل رسم الازهار و الاشجار و الاوراق، و قد تالقت تلك الزخرفه في قتصر الخضراء و في الجامع الاموي بدمشق في مستهل الحكم الاموي.
اما العمائر و من بينها قبه الصخره فقد شيدت بزخارف الفسيفساء التي تزين الكثير من جدرانها. و قوام هذه الزخارف الاشجار المختلفه و الفاكهه المتنوعه و الاواني التي تخرج منها الفروع النباتيه و رسوم الاهله و النجوم.
كما انشيء في زمن الامويين قصر المشني و لعل اهم اجزاء هذا القصر هو الواجهه الرئيسيه لما تحفل به من زخارف رائعه من الحجر الجيري الغائر، و يمكن تقسيم زخارف واجهه القصر الي قسمين: الاول و يشمل المثلثات التي توجد علي يسار المدخل، و فيها تظهر زخارف من اشكال الحيونات و الطيور و الاشكال الآدميه، صيغت وسط تفريعات من سيقان العنب، و اشتقت اشكالها من الفن المسيحي السوري. اما القسم الثاني فيشمل المثلثات التي توجد علي يمين المدخل، و لا يظهر من زخارف هذه المجموعه اثر لاشكال الكائنات الحيه، كما ان تفريعات سيقان العنب صيغت بطريقه جديده، مستنده علي الاساليب القديمه في بلاد الشرق. و يلاحظ تجنب نحات المجموعه الاخيره، الابقاء علي المسطحات الحجريه الكبيره، امعانا في ايضاح التاثر الزخرفي عن طريق الضوء و الظل، بحيث تبدو المنحوتات وكانها مفرعه.
وظلت الاساليب الاوليه مستمره حتي الحقبه الاولي من العصر العباسي، و هذا ما يلاحظ علي قصور و بيوتات العباسيين، اذ وجدت في المساكن الخاصه نقوش بارزه من الجص كانت اسفل الجدران المصنوعه من الطين، و كذلك اطر الابواب و احيانا الاخاريز، و السقوف كانت من الخشب المحفور و المدهون.
روعه الزخرفه تظهر في بغداد التي بناها المنصور، فقد جمع هذا الخليفه العباسي مهره رجال الفن و الصناعه من سوريا و ايران و الموصل و الكوفه و واسط و البصره، و قد اتبع هذا التقليد في بناء مدينه سامراء ايضا، و يعتبر العصر العباسي من اروع العصور في مجال الزخرفه بسبب كثره الاتجاهات الفنيه التي سادته خاصه في زمن الخليفه المعتصم الذي بني مدينه سامراء، فقد تميزت في سامراء ثلاث مراحل مرت فيها الزخارف الجصيه.
يتضح من المجموعتين الثانيه و الثالثه ان الزخارف حفرت علي الجدران نفسها، او علي حشوات جصيه منفصله ثبتت بعد ذلك علي الجدران، اما في المجموعه الاولي فقد صبت الزخارف في قوالب. و يمكن اعتبار اسلوب المجموعه الثالثه اقدم هذه الاساليب جمعيا. و تتكون زخارفها من تفريعات العنب و كيزان الصنوبر و المراوح النخليه و اشكال الزهريات داخل تقسيمات هندسيه و زخارف سداسيه الفصوص. و الفنانون ابتكروا اشكالا جديده ذات مظهر زخرفي رائع.
و من الخصائص المميزه للزخرفه في العصر العباسي اختلاف عمق الحفر الذي نري فيه امثلته في منبر خشبي هام بمسجد القيروان، و في حشوه خشبيه.
الزخرفه من خلال الحرف
عرفت بعض الحضارات السالفه الزخارف، غير ان الفنان المسلم من خلال استعماله للآيات القرآنيه كوسيله تعليميه و عباديه، زين بها المساجد كونها محطه ارتياد المسلم ثلاث مرات يوميا علي الاقل، و من جانب آخر تزين المساجد بآيات القرآن حفاظا لها من النسيان و تعويد عيون المسلمين علي النظر اليها و قراءتها باستمرار.
فقد ادرك الفنان المسلم ان الخط العربي يتصف بالخصائص التي تجعل منه عنصرا زخرفيا طبيعيا، يحقق الاهداف الفنيه، و كثيرا ما استعمل الخط استعمالا زخرفيا بحتا دون الاهتمام بالمضمون المكتوب و استعلمت اشرطه الكتابه علي التحف المختلفه، و علي العمائر تحت السقف لربط المستويات الراسيه بالمستويات الافقيه او بالقبه.
الفنانون المصريون في العصر الفاطمي استعملوا الخط التزييني و اعتبروا الخط الكوفي عنصرا زخرفيا. و قد ظهر ذلك علي الرخام و الخشب و علي السقوف. و الكتابه الكوفيه غنيه الاشكال. و ظل هذا الفن مستعملا في المنشآت المعماريه و علي المسكوكات النقديه، حتي القرن الثاني عشر حيث ظهر الخط اللين ليحل محله في الزخرفه. و عالج المزخرف هذه التفريعات بتغطيه الفراغ بعناصر نباتيه. كما ابتكر الخطاطون كتابه العبارات بالخط الكوفي المربع او الكوفي المتداخل لتبدو علي شكل حيوان او طائر.
والمعروف ان للخطاطين المنزله الاولي بين الفنانين، فالخطاط هو الذي يحدد الفراغات التي يملاها الرسام بالصور التوضيحيه لتزيين الكتاب.
ظلت الزخرفه الكتابيه وحده محافظه علي شكلها القديم في مختلف البلدان، كاستعمال الحروف الكوفيه الطيعه المائله في نقوش الابنيه و مشاهد القبور.
و بقي الخط الكوفي مفصلا في الكتابه الزخرفيه مع تحرير الجمود الهيراطيقي الذي ساد العصر الاموي.
و للزخرفه المقصود بها التحليه اثر كبير و ملحوظ في صناعه الخزف في سمرقند.
الاهتمام بكتابه المصاحف و زخرفتها
من اجل الحفاظ علي آيات القرآن الكريم من الضياع و النسيان اعتني المسلمون بكتابه القرآن بانواع الخطوط المختلفه، فكتبوه علي صفائح من الذهب و الفضه و علي صفائح من العاج و طرزوا آياته بالذهب و الفضه علي الحرير و الديباج، و زينوا بها محافلهم و منازلهم، و نقشوها علي الجدران في المساجد و المكاتب و المجالس العامه.
رسموا بكل الخطوط علي كل اصناف الجلود و الاوراق بالادراج و الكراريس و الرقاع باصناف المداد و الوانه و ملؤوا بين جمل الكلام بالذهب.
و طبيعي ان تكون كتابه المصحف او الميادين التي عمل فيها لا خطاطون و المذهبون، و قد كانت العنايه الفائقه بالخط سببا في تطويره علي يد خطاطين تفننوا في تجميل حروفه و تقويسها و مدها، و زخرفه رؤوسها و ذيلوها بالاوراق و الازها ر و السيقان، حتي انفرد الفن الاسلامي من بين الفنون اجمع بالخط الزخرفي الذي استعمل في اوسع نطاق.
و لم يقتصر التفنن علي تجميل المصاحف و زخرفتها بل حفظ المسلمون في كتبهم تاريخا مجيدا لصناعه التصوير الملونه. و من اقدم الكتب التي زوقها المسلمون من غير القرآن هي الكتب الادبيه و في مقدمتها كتاب كليله و دمنه لابن المقفع .. و كتاب مقامات الحريري .. و كتاب الاغاني لابي الفرج الاصفهاني.
الخط و التهذيب
بدات العنايه بتزيين و تذهيب الكتب عندما اخذت مهنه النسخ تتطور و تكبر في الامصار الاسلاميه، فيذكر ان في بغداد وحدها كان هناك اكثر من مائه ناسخ، يزين اول صفحات الكتاب و آخره برسوم بسيطه، ثم تطورت الي العنايه بزخرفه الهوامش بزخارف اكثر دقه و تنوعا. ففي العصر العباسي كتبت المصاحف علي الرق بلونه الطبيعي او الملون، و استعمل في الكتابه المداد الاسود و الاحمر و المذهبي.
و في العصر العباسي المتاخر وضعت عناوين السور القرآنيه و في مستطيل مزخرف بزخارف نباتيه متشابكه، و استعملت في هذه الزخارف وحدات من الاشكال النجميه و المراوح النخليه.
كما استعملت الفضه في حالات كثيره رغبه في تباين الالوان و تعارضها.
و هناك امثله لزخرفه التذهيب في المدرسه التركيه، حيث تلون الزخرفه بالذهب و باللونين الازرق و الاسود مع اضافه الوان اخري اليها. و في فن التذهيب ابتكرت طرق عديده منها طريقه الظل و طريقه فصل الرسم و لصقه فوق ارضيه ملونه بالوان زاهيه.
أخ وأخيرا خلصت البحث
ادعولي
سلام
نداء