مقبرة العظماء
تمجيداً لأولئك الذين امضوا عمرهم في خدمة البشرية ، و إحياء للذين أفنوا حياتهم من أجل سعادة الناس، وتخليداً لأعمالهم الفذة، قرروا أن يبنوا مقبرة خاصة بعظماء الأمة ،حيث يتم نقل رفاتهم من كل أنحاء البلاد، لكي يبقوا منارة للأجيال على مر العصور.
لم يمر وقت طويل حتى امتلأت المقبرة بالعظماء الذين يتزاحمون على الموت كما يتزاحم البعوض على النار ، تدخل المقبرة ، ترى الأرض منصوبة بالشواهد ولوحات التعظيم و كأن السماء مرفوعة عليها .
على الشاهد الأول تقرأ " كان بطلاً استثنائياً ، لم يمتط صهوة البطولة في فيلم سينمائي ، أو مسلسل تلفزيوني،إلا وقاده إلى النور ، لقد كان فناناً عظيماً "
وعلى الشاهد الثاني "هنا ترقد بسلام صاحبة الأبجدية الرائعة بلغة الجسد، الراقصة العظيمة ........."
و على الشاهد الثالث" لا تزال أحجار المسارح و مدرجات المهرجانات ترقص طرباً لأغانيك الخالدة ، استرح بسلام يا......
و على الشاهد الآخر " ولد عظيماً ، وعاش عظيماً ، و ها هو يمضي رحلة حياته الأخرى بين أصدقائه العظماء".
وفي كل ينحشر عظيم جديد في المقبرة التي ضاقت ذرعاً بعظمائها، وكأن الأمة تفرخ عظماء أكثر مما تفرخ فروجاً .
وهناك في أقاصي الظلام ، حكيم مدفون بين دفتي كتابه، وعالم متفسخ في مختبره ، ولا أحد يعلم شيئاً عن مماتهم، لأنه لا أحد يعرف شيئاً عن حياتهم.
عين الحياة